أي خبر

”الأم ذات العين الواحدة”

-

 

بقلم الكاتب الصغير :أدهم محمد 

 

 

كان لأحد الأمهات عين واحدة وقد كرهها أبنها كثيراً لما كانت تسبب له من إحراج وكان يري شكلها مقززاً وكانت هذه الأم تعمل "طاهية" في نفس المدرسة التي كان الولد يدرس فيها لترفع من شأنه وتساعده علي أن يكمل دراسته, وكان دائما ما يحاول أن يخفي علي أصدقائه أن تلك الطاهية أمه خوفاً من تعليقات أصدقائه وخجلاً من شكلها, وفي أحد الأيام صعدت الأم الي الفصل لتسأل عن مستوي أبنها الدراسي وحينها كانت صدمته, أحس بالخجل والإحراج بعد معرفة أصدقاءه بالأمر وأن الطاهية ذات العين الواحدة "أمه" ورماها بنظرة مليئة بالحقد والكره, وفي اليوم التالي قال له احد اصدقاءه يا "أبن الطاهية الدميمة".

 

وحينها تضايق الولد كثيراً وتمني أن يكون بإمكانه دفن نفسه أو أمه ليتخلص من الحرج الذي تسببه له, وفي ذلك اليوم عاد الولد الي منزله وواجه أمه وقال لها متي ستموتين وأتخلص من الإحراج الذي اتعرض له بسببك فقد جعلتني أضحوكة بين زملائي, وحينها سكتت الأم حينها وخرج الولد من المكان وظل يكرر التوبيخ, غير عابئ بما يسببه لأمه من ألم, ومرت السنوات وأنهي الأبن دراسته الثانوية وحصل علي منحة تفوق للدراسة في الخارج, وبالفعل سافر الأبن العاق وأكمل دراسته في الخارج وتزوج وأنجب ثلاثة اطفال.

 

 وفي أحد الأيام أشتاقت الأم لأبنها وأرادت ان تري أحفادها فسافرت الي ابنها وعندما شاهدها أحفادها خافوا منها وبدأ بعضهم بالبكاء فطرد الابن أمه ونهرها بشدة وطلب منها أن تعود الي بيتها مرة أخري..وبعده بفترة اضطر الولد للعودة الي بلده لقضاء بعض الإحتياجات, وحينما عاد الي بيته أخبره أحد جيرانه أن أمه قد ماتت فلم يحزن أبداً وحينما كان ينوي المغادرة أخبره الجيران بأن أمه تركت له خطاب قبل وفاتها وبالفعل أحضر الرجل "الخطاب" وبدأ الأبن العاق في قراءته وكانت بدايته "أبني الحبيب أنا أحبك كثيراً وأريد أن أقول لك شيئا لم أخبر به أحداً من قبل لقد توفي والدك في حادثة سير وكنا أنا وأنت معه في هذه السيارة وكانت نتيجة الحادث مات أبوك وفقدت أنت عينك ودبت الحسرة في قلبي وجلست أفكر كيف ستعيش بعين واحدة فقررت أن أعطيك عيني وبالفعل خضعنا للعملية ونجحت  وأصبح لك عينين ولأمك عين واحدة التي طالما كنت تعايرني بها وطردتني من بيتك أم زوجتك وأولادك وكنت تخجل مني أمام أصحابك, والان لابد وأن تعلم بأن قبحي وهبك الجمال, تعبي وهبك الراحة, قابلت عطائي بالحرمان والحجود وحناني بالنكران, ولكني يا بني قد سامحتك لأنك فلذة كبدي وقطعة من قلبي, وحينها أبتلت لحية الأبن وأنهار من كثرة الدموع والندم علي ما فعله بأمه, ودعا ربه بأن يغفر لها ويدخلها عظيم جناته بما فعلت وأن يسامحه علي قسوته وعقوقه لها.


التاريخ:1\8\2019