أي خبر

”قال يا مقال”

الكاتب الصحفي محمد إمام يكتب .. ”مصر صانعة السلام”

الجمعة 17 أكتوبر 2025 08:53 مـ 24 ربيع آخر 1447 هـ

في خطوة تاريخية تعبر عن ثقلها الإقليمي ومسئوليتها القومية، نجحت مصر في تحقيق نصر دبلوماسي كبير بوقف نزيف الدم الفلسطيني، من خلال جهود وساطتها المكثفة التي توجت باتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة بين حركة حماس وإسرائيل، بمشاركة فاعلة من كل من قطر، الولايات المتحدة، ويأتي هذا الإنجاز في ظل ظروف معقدة، وضغوط دولية هائلة، ومحاولات ممنهجة لتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها عبر التهجير القسري والتطهير العرقي بحق المدنيين الفلسطينيين.

مدينة السلام "شرم الشيخ" تستضيف الاجتماعات التي جاءت تتويجا لمسار طويل من التحركات السياسية والدبلوماسية التي تقودها القاهرة منذ أكثر من عامين، سعياً لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فقد كانت مصر أول من دعا وحذر بوضوح من خطر اتساع رقعة الصراع الإقليمي وتهديد الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. الجهود المصرية لم تقتصر على الجوانب السياسية، بل امتدت لتشمل الجانب الإنساني، حيث أولت القاهرة أهمية قصوى لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، متحدية القيود الإسرائيلية والحصار الخانق الذي فرض على القطاع، ومارست مصر ضغوطا سياسية متواصلة، ونجحت في تأمين ممرات إنسانية وإيصال قوافل الإغاثة إلى الفلسطينيين المحاصرين، ما ساهم في تخفيف معاناتهم في ظل أوضاع مأساوية.

مصر التي رفضت رغم الضغوط والتهديدات والوعود والإغراءات، الانخراط في أي مسار لا يضمن الحقوق الفلسطينية الكاملة، وتمسكت بثوابت سياستها الخارجية الداعمة للقضية الفلسطينية، وفي مقدمتها إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتفعيل مسار حل الدولتين باعتباره الطريق الوحيد لتحقيق سلام عادل وشامل.

نجحت مصر العظيمة القوية، في إفشال محاولات تهجير الفلسطينيين إلى خارج أراضيهم، والتي كانت تهدف إلى تغيير البنية التاريخية لغزة وسيناء والمنطقة برمتها، وهو ما حذرت منه القيادة المصرية مرارا، لحماية الشعب الفلسطيني، ودفاعا عن الأمن القومي المصري والعربي.

لقد أثبتت مصر مجددا، أنها قلب العروبة النابض، وقادرة على أن تلعب دور الوسيط النزيه والمسئول في أصعب الظروف، وأثبت الرئيس السيسي أنه رجل وطني ورئيس بحجم مصر له موقف ثابت وشريف في زمن عز فيه الشرف، وقف صامدا في وقت تراجعت فيه العديد من القوى الإقليمية والدولية عن مسئولياتها، كانت مصر وحدها حاضرة بثقلها السياسي والدبلوماسي، تدير المشهد بتوازن وحنكة، وتحمي القضية الفلسطينية من التهميش والابتلاع. إن نجاح المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار يمثل خطوة أولى نحو حل أوسع وأشمل، لكنه في الوقت ذاته يثبت أن الحلول العادلة لا تأتي إلا عبر مفاوضات جادة، ورعاية نزيهة، ورؤية واضحة تستند إلى مبادئ الحق والعدالة، ومصر بما تمتلكه من مكانة، تبقى حجر الزاوية في أي مسعى لتحقيق السلام الحقيقي في الشرق الأوسط، ودائما وأبدا تحيا مصر وشعبها وجيشها

بقلم محمد إمام

[email protected]