”قال يا مقال”
” كرة القدم المصرية .. الواقع والمستقبل”
تعيش كرة القدم المصرية لحظة فارقة، تختلط فيها مشاعر الغضب بالإحباط، مع بارقة أمل حذرة تبحث عن طريقها وسط حزن الأزمات، الخروج المبكر لمنتخب مصر الثاني من بطولة كأس العرب، بعد أداء وصف بالمخيب، لم يكن مجرد خسارة في بطولة إقليمية، بل كشف عن عمق الأزمة التي تضرب منظومة الكرة المصرية في مستوياتها المختلفة، وزادت مرارة المشهد مع تتويج منتخب المغرب باللقب على حساب الأردن، في صورة عكست الفارق الواضح في التخطيط والاستثمار طويل المدى، مقارنة بما يحدث داخل البيت الكروي المصري.
غضب الجماهير المصرية جاء عارما، وتركزت سهامه على الجهاز الفني بقيادة حلمي طولان، الذي وجد نفسه في مواجهة انتقادات حادة، ليس فقط بسبب النتائج، بل بسبب غياب الروح والهوية داخل الملعب، منتخب مصر الثاني، الذي كان يفترض أن يكون مخزونا استراتيجيا لدعم المنتخب الأول، ظهر بلا ملامح واضحة، وكأنه تجمع عابر لا يعكس تاريخ كرة القدم المصرية ولا طموحات جماهيرها.
وفي الوقت الذي تتصاعد فيه نبرة الغضب، تعيش الجماهير حالة ترقب مشوبة بالقلق تجاه المنتخب الأول، بقيادة حسام حسن، في ظل الاستعدادات لبطولة كأس الأمم الأفريقية، ثم كأس العالم، حسام حسن، بما يملكه من شخصية قوية وتاريخ كبير، يمثل لدى البعض الأمل في إعادة الانضباط والروح القتالية، لكنه يواجه تحديات جسيمة تتجاوز حدود الملعب، وتتعلق بعمق المشكلات الإدارية والفنية التي تراكمت عبر سنوات.
وسط هذا المناخ المضطرب، خرج الاتحاد المصري لكرة القدم ببيان حمل نبرة مختلفة، وأثار ارتياحا نسبيا لدى المتابعين، إن صدقت النوايا وتحولت الكلمات إلى أفعال، البيان أكد أن عام 2026 سيكون بداية حقيقية لمرحلة تطوير شاملة لكرة القدم المصرية، عبر المشروع القومي لكرة القدم "رؤية 2038" ، الذي يستهدف تطوير المنتخبات الوطنية، والمسابقات المحلية، وقطاع الناشئين، واكتشاف المواهب.
والأهم في الطرح هو التركيز على البنية التحتية البشرية، من خلال مركز المنتخبات الوطنية الرئيسي، ومراكز فرعية موزعة على قطاعات الجمهورية، مع وحدات تابعة تضمن امتداد المشروع إلى كل قرية ونجع ومنطقة شعبية، من شرق مصر إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، دون تفرقة، وهي رؤية طموحة، لو تم تنفيذها بجدية، قد تعيد لكرة القدم المصرية عدالة الفرص، وتنهي مركزية المواهب، وتفتح الباب أمام جيل جديد أكثر تنوعًا وقدرة.
الرهان الحقيقي الان هو على قدرة الدولة المصرية، بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة، على تحويل هذه الاستراتيجية إلى واقع ملموس، بإدارة احترافية، ومتابعة صارمة، ومحاسبة شفافة، فالجماهير لم تعد تكتفي بالبيانات، بل تبحث عن نتائج وخطوات واضحة تعيد الثقة المفقودة. كرة القدم المصرية تقف اليوم على مفترق طرق، إما الاستمرار في دائرة الإخفاق وردود الأفعال، أو الدخول في مرحلة جديدة يكون فيها التطوير مشروع دولة، لا اجتهاد أفراد، وبين الغضب والأمل، تبقي مشاعر الجماهير هي المطالب دائما بأن يكون المستقبل مختلف، وأن تعود المنتخبات الوطنية العنوان الأبرز لفرحة الشارع المصري.
بقلم : محمد إمام













