”قـال يا مـقال”
محمد إمام يكتب .. ”سم قاتل .. فاحذروه”
طالما حذرنا في تلك المساحة من مخاطر تفشي فيروس السوشيال ميديا وسرطان التريند الذي بات ينخر في جسد مجتمعاتنا العربية علي حد سواء, وبات الشغل الشاغل للجميع أطفالاً وشبابا, رجالاً ونساء وشيوخ, الجميع علي أتم الإستعداد للبيع, إلا من رحم ربي, هناك من يبيع نفسه, وآخر يبيع شرفه, وثالث يدعي الموهبة البائسة اليائسة, البعض يرقص ويتعري, والجميع يرفع شعار "شحتني شكراً" لزوم الهدايا والذي منه الأسد والحوت والصولجان ولا عزاء للغلبان الشقيان التعبان اللي بياكلها بالحلال من عرق جبينه وطلعان عينه علشان اللقمة الحلال".
آفات التيك توك ومن يطلقون علي أنفسهم لقب بلوجر وفود بلوجر وتيك توكر ويوتيوبر, دخلت كل بيت وعقل تستهدف تخريب القلوب والعقول, تخطو بخطي ثابتة وواثقة لتدمير الأجيال القادمة الأطفال والشباب, تستهدف حاضر الوطن ومستقبله, ذلك العري والإنحطاط وحلم الثراء السهل والسريع لا يقل خطراً عن الإرهاب والمخدرات, الإنحطاط والتفاهة والعري تحقق ملايين الأخضر واليورو وكله مستني دوره, ليتوه الحلم وتحيد البوصلة, أنقلبت الموازين رأساً علي عقب, وبات الجميع يري ضالته المنشودة والملاذ في تريند التيك توك, وإذا استمرت الأوضاع علي تلك الشاكلة "يبقي علي الدنيا السلام",وتكون بذلك نجحت الدول المعادية بأجهزة استخباراتها بكل جدارة في تنفيذ مخططاتها وتدمير الأجيال الجديدة ومستقبل الأمة دون نقطة دم أو طلقة رصاص واحدة.
تارة نسمع أن أحدهم حقق 50 مليون جنيها في "جولة" لا تتجاوزبضعة دقائق, وأخر كسب أيفون 15 ذهب وساعة ألماظ وخاتم ألماظ ومجموعة هدايا تتجاوز الملايين, علاوة علي الفيلات الفارهة وشقق مدينتي وسيارات لامبورجيني ومرسيدس موديل العام, في الوقت الذي يعيش المجتمع حالة من الظروف الإقتصادية المجحفة والغلاء غير المسبوق نتيجة الأزمات الإقتصادية العالمية وحروب المياه والنزاعات الحدودية ومخططات نهب الثروات.
بأي عقل أو منطق أستطيع اقناع طفل أو شاب بأن العلم هو من يرفع شأن الأمم, بأي حق أقنعه أنه بالعلم والعمل تحيا الأمم, كيف أقوم بإقناعه أن ما يحدث هو الشر بعينه وأنه لا يصح إلا الصحيح وهو يري بعينه أن فلان لديه ثروات طائلة من التفاهة والعري والإنفلات الأخلاقي, في الوقت الذي يري الطبيب الشاب والمهندس الشاب والصحفي الشاب لا يكفي راتبه للعيش الحاف وسداد فواتير الكهرباء والمياه وغيرها من أساسيات الحياة العادية, وبات المستقبل القريب محفوف بالمخاطر من جميع الإتجاهات وبفعل فاعل, بعدما أصبح العبث بعقول الأجيال الجديدة, هو الطريق الأسهل لتخريب الأوطان, هم لا يريدون رجالاً تجلب لنا الفخر, فقاموا بتحويل الفخر الي فجر, والعز الي ذل, والشرف الي دياثة, العلم والقيم والكرامة الي انفلات وخضوع وحقارة, يريدون أن تمحي من ذاكرتنا انتصارات أكتوبر وتضحيات ودماء الشهداء التي سالت في سيناء للحفاظ علي الأرض والعرض, لذا بات لزاماً علينا أن ننظر بعين العقل والحكمة الي ما يحاك ضدنا من مؤمرات تستهدف أعز وأغلي ما نملك وهم أولادنا شباب الحاضر ورجال المستقبل, علينا أن نعي جيداً أن من يقوم بتوزيع الأموال بكل هذا الكم ليس غبياً أو صانع سعادة, إنما يسعي من وراء ذلك تحقيق هدف خبيث وتخريب العقول والمجتمعات بأيادي أبنائها علينا أن نفرض قيود حقيقية أو إلغاء تلك البرامج والتطبيقات لحماية ما تبقي من القيم .. حفظ الله مصر.
بقلم محمد إمام