”قـال يا مـقال”
محمد إمام يكتب .. ”الرفض المصري والضغوط الأمريكية”

دائماً وأبداً ما كانت مصر الحصن الحصين والمدافع عن القضية الفلسطينة والأمة العربية, كانت وستظل الملاذ للأمة العربية والإسلامية وقت المحن والأزمات, تواصل مصر موقفها الثابت والرافض لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، رغم الضغوط الأمريكية المتزايدة والتلويح بفرض عقوبات اقتصادية وقطع المساعدات العسكرية والإنسانية عن القاهرة, ورغم هذه التهديدات، لم تتراجع القيادة المصرية عن موقفها التاريخي الداعم للقضية الفلسطينية، مؤكدة أن الحل العادل لا يكون بتهجير الفلسطينيين، بل بإقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وجددت مصر رفضها أي طرح أو تصور يستهدف تصفية القضية الفلسطينية محذرة من تداعيات تصريحات مسئولين بالحكومة الإسرائيلية بشأن بدء تنفيذ مخطط تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه واعتبرت ذلك خرقاً صارخاً وسافراً للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني, رغم ما شهدته الأيام الأخيرة تصاعداً في الضغوط الأمريكية على مصر، حيث يدور في الغرف المغلقة استخدام واشنطن سلاح فرض العقوبات الاقتصادية ووقف المساعدات العسكرية، في محاولة للضغط على القاهرة لتغيير موقفها الرافض للتهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء أو أي دولة أخري, ليأتي الرد المصري واضحا وحاسما، حيث أكد الرئيس السيسي في أكثر من مناسبة أن مصر لن تسمح بحدوث هذا السيناريو تحت أي ظرف، مشدداً على أن القضية الفلسطينية لا يمكن حلها عبر تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها.
واتخذت مصر خطوات احترازية لتعزيز أمنها القومي، حيث عززت التواجد العسكري في مناطق الحدود مع قطاع غزة، وشددت الرقابة على المعابر لمنع أي محاولات لتهجير الفلسطينيين قسريا إلى الأراضي المصرية, كما قامت مصر بتكثيف تحركاتها الدبلوماسية لفضح المخططات التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.. كما جاء الدعم المصري حازماً وداعماً للموقف السعودي بعد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأمريكي، والتي تضمنت دعوات لإقامة دولة فلسطينية في الأراضي السعودية، وهو ما اعتبرته الرياض تجاوزا غير مقبول لسيادتها, وأكدت مصر دعمها الكامل للسعودية في مواجهة هذه الادعاءات، مشددة على ضرورة احترام سيادة الدول العربية وعدم فرض حلول على حسابها.
كما أعلنت مصر عن استضافتها قمة عربية طارئة بالقاهرة في 27 فبراير الجاري, وذلك بعد التشاور والتنسيق مع الدول العربية الشقيقة خلال الأيام الأخيرة، لبحث التطورات المستجدة والخطيرة للقضية الفلسطينية, بعد المقترح الذي قدمه الرئيس الأميركي بالسيطرة على قطاع غزة وإنشاء ما وصفها بريفييرا الشرق وإعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى, وتسابق الخارجية المصرية الزمن بإجراء اتصالات مكثفة من قبل الوزير بدر عبد العاطي, مع عدد من نظرائه العرب، لعقد القمة الطارئة, لبحث تداعيات التصريحات الأمريكية الأخيرة، ووضع موقف عربي موحد لمواجهة الضغوط المتزايدة, لتؤكد عبر موقفها الثابت والراسخ أنها لن تسمح بتهجير الفلسطينيين، ولن تقبل بأي حلول على حساب سيادتها وأمنها القومي, كما تبقى القاهرة في طليعة المدافعين عن الحقوق الفلسطينية، ساعية لتوحيد الموقف العربي لمواجهة التحديات الراهنة، في رسالة واضحة بأن القضايا المصيرية للأمة العربية لا يمكن أن تكون محل مساومة أو ابتزاز.. ودائماً وأبداً تحيا مصر.
بقلم : محمد إمام