”قال يا مقال”
محمد إمام يكتب .. ”راح القلب الطيب راح”

"راح القلب الطيب راح الحضن اللي أنا فيه برتاح" ليست كلمات أغنية ولكنها حقيقة ما أنا عليه الآن بعد رحيل أمي الطيبة، رمز العطاء الحنان والاهتمام والحب بدون مقابل، رحلت أمي عن دنيانا بعد رحلة طويلة ومعاناة مع المرض، برحيلك يا أمي انطفأ النور الذي يضئ لي الطريق والابتسامة التي تهون مصاعب الأيام والدعوة الصادقة التي تخرج من قلب محب تشق الطريق وتحفظني من شر الدنيا.
رحلت أمي تركتني وحيداً أعاني ظلمة الدنيا وظلام الأيام رحلت، فجأة دون أن تخبرني، رحلت يا أمي ولأول مرة تخفي عني سراً بأنك ستتركينني وحيداً، كنت يومي وحياتي بل كنت أنت الحياة، كل الحياة، كنت أعلم أن الفراق صعب ولكنني لم أكن أعلم أن روحي ستفارقني برحيلك، ستدفن معك في القبر ولكن ما يؤنس وحدتي ويمسح دمعتي ويجمح لهفتي هو حب الناس وسيرتك العطرة وصلاتك وصومك وحج بيت الله، وحديث الناس عنك الذي لا ينقطع ودعواتهم الصادقة.
أمي كانت أعظم من رافقت وأوفي من صادقت وأحن من عاشرت، أمي رحلة كفاح وعطاء، أمي كانت مثالية في كل شئ كانت صبورة وصابرة على البلاء، محبة للجميع، كانت تعرف أن الدنيا دار مقر والأخرة مستقر، فعملت لدينها ودنياها كانت تعامل الناس بالدين واللين وحسن الخلق، كانت رمز للعطاء والحب بدون مقابل، تهب الطاقة الايجابية لجميع من حولها، كانت وكانت وستظل خير معين لي في هذه الدنيا بدعواتها التي لم تنقطع لحظة.
أكاد يا أمي أسمع صوتك الهادئ الحنون يهمس في أذني، أشم رائحتك الطيبة في كل ركن صورتك تتحرك أمامي في كل مكان، أضحك عندما أتذكر "رخامتي عليك وهزارنا كل يوم، لما كنت أسيب الدنيا وأجيلك أجري علشان مواعيد العلاج والأكل"، وأنهار كطفل صغير عندما أتذكر أنني لن أراك إلا كطيف في خيالي أو ذكري لمواقف لن ولم تنسي، أعدك يا حبيبتي بأنني سأنتظرك في أحلامي كل يوم كما تعاهدنا سويا منذ أيام، وأعدك بأنني لن أنساك ما حييت لأنك محفورة بقلبي ووجداني، فأنت لست مجرد أم ولكنك حياة وهبني الله إياها كي أعيش وأحيا بداخلها وبها ولها، وأشهد الله أن خدمتي لك لم تكن براً فقط ولكنها حباً وعشقاً لمن وهبتني طعماً وقيمة للحياة.
أكتب كلمات الرثاء ودموعي لا تنقطع حرقة وحزنا وألماً علي الرحيل والفراق ولكن ما يواسيني أنك في مكان أفضل عند رب رحيم كريم بلا تعب ولا ألم ولا أدوية وعلاجات لا تعد ولا تحصي، أعلم بأنك إن شاء الله من أهل الجنة أعلم علم اليقين أنك بجانبي ولن تتركيني وحدي وستظل روحك الطيبة الطاهرة تحيطني في كل زمان ومكان تحفظني من كل شر كما كنت تفعلين طيلة حياتك، كما أعاهدك يا أمي بأن أكون ولد صالح يدعو لك ما حييت وأخر دعواتي أن تلتقي في الحياة الأبدية في جنات النعيم وتشرب شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدأ من يد رسول الله محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.
بقلم محمد إمام